رئيس مجلس الإدارة المهندس / تيسير مطر
المركزى يتجه نحو بناء الاحتياطى من موارد مستدامة

تم النشر في 24 / 04 / 2018 09:28:15 | تمت الكتابة بواسطة : أشرف صدقى

بدأت نتائج سياسات الإصلاح الاقتصادى تظهر بشكل ملحوظ فى بيانات ميزان المدفوعات الذى يوضح تعاملات مصر مع العالم الخارجى، وذلك بعد نحو عام ونصف من تحرير سعر الصرف، وتخلى البنك المركزى عن دعم الجنيه.

وأتاح قرار تحرير سعر الصرف «التعويم»، تلقى الدولة مليارات الدولارات عبر اتفاقيات خارجية مشتركة، بالإضافة لقرض صندوق النقد الدولى، واستثمارات الأجانب فى أذون الخزانة، والأوراق المالية بالبورصة، كما أتاح التعويم فرصاً غير مسبوقة للمصدرين، مقابل انخفاض حجم الاستيراد، إلى جانب جذب القطاع المصرفى تحويلات المصريين بالخارج، التى كان يذهب أكثر من ? منها للسوق السوداء قبل القرار، فضلاً عن تنشيط إيرادات السياحة التى كان من المتوقع أن تجذب حصيلة غير مسبوقة، لولا أحداث الطائرة الروسية التى سقطت فى سيناء.

وينقسم ميزان المدفوعات إلى شقين أساسيين، حساب المعاملات الرأسمالية والمالية، ويضم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومحفظة الاستثمار فى الأوراق المالية، وصافى الاقتراض الخارجى، والتزامات البنك المركزى والقطاع المصرفى الخارجية، والشق الثانى الحساب الجارى، ويضم صافى متحصلات السفر، بما فيها إيرادات السياحة، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، والميزان التجارى، وميزان دخل الاستثمار، وبنود أخرى متعلقة بالحساب الخدمى.

وانعكست أثار الإصلاح الاقتصادى على تراجع عجز الحساب الجارى لينخفض بنسبة d خلال النصف الأول من العام المالى الجارى، مسجلاً 3.4 مليار دولار، مقابل 9.4 مليار دولار فى الفترة المقابلة من العام الماضى، مقابل تراجع فائض الميزان المالى، والرأسمالى بنسبة D.4، ليسجل 10.4 مليار دولار، مقابل 18.7 مليار دولار فى الفترة المقبلة من العام الماضى.

واعتبر مصرفيون وخبراء اقتصاد، أن نتائج ميزان المدفوعات للنصف الأول من العام المالى الجارى، تشير إلى بدء تعافى القطاعات الاقتصادية الرئيسية، مثل السياحة، والتصدير، وتحويلات المصريين، ومن شأن ذلك توفير موارد نقد أجنبى مستدامة، تمكن البنك المركزى من استغلالها فى بناء الاحتياطى النقدى الأجنبى، دون الاعتماد بشكل كبير على الاقتراض الخارجى .

وأشاروا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من تعافى الاحتياطى، بالاعتماد على تلك الموارد، فى ظل عودة السياحة الروسية، واستمرار نمو تحويلات المصريين بالخارج، واتخاذ الحكومة إجراءات متعددة لدعم الصادرات، وتقليل عجز الميزان التجارى.

يشار إلى أن بنك الاستثمار برايم، أوضح فى تقرير صادر خلال أغسطس 2017، أنه على الرغم من ارتفاع الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية لمستويات تاريخية، إلا أنه يتسم بالضعف، خاصة مع تكوينه من قروض خارجية، فى ظل ارتفاع محفظة الاستثمارات فى الأوراق المالية الحكومية قصيرة الأجل، منذ تعويم العملة المحلية، وزيادة حجم الاقتراض الخارجى عبر الشركاء الأجانب، بينما مازالت القطاعات الاقتصادية الرئيسية، لا توفر الموارد المنتظرة منها، رغم تعافيها .

وسجل الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية نحو 42.611 مليار دولار بنهاية مارس الماضى، بزيادة طفيفة عن مارس السابق عليه، بينما بلغت الزيادة منذ أكتوبر 2016، وهو الشهر السابق على تعويم العملة المحلية نحو 23.57 مليار دولار، وهى زيادة غير مسبوقة، ومن المتوقع أن يشهد الاحتياطى زيادة بأكثر من مليارى دولار، خلال أبريل، نتيجة نجاح الدولة فى إصدار سندات بقيمة مليارى يورو .

وقال مصدر مسئول بالبنك المركزى، إن نتائج ميزان المدفوعات عن النصف الأول من العام المالى الجارى، تشير إلى تحسن قطاعات رئيسية مثل السياحة، وتحويلات المصريين، وهى موارد افتقدتها مصر بشدة خلال الأعوام الماضية، نتيجة الأزمات السياسية، والاقتصادية المتتالية .

وأرجع المصدر، الذى فضل عدم ذكر اسمه، هذا التحسن بشكل أساسى إلى قرار تعويم العملة المحلية، بجانب خطط الدولة لتنشيط القطاعات الاقتصادية، موضحًا أن هذا التحسن لا يعنى التخلى التام عن الاقتراض، لكنه يشير إلى تعافى مصادر الدخل القومى الرئيسية.

وتوقع أن تنخفض وتيرة الاقتراض الخارجى، خلال السنوات المقبلة، إذا ما استمر التعافى الاقتصادى على مستوى الميزان التجارى، وتحويلات المصريين، والسياحة، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، قائلاً: قد يكون الوزن النسبى لتعافى القطاعات الرئيسية، وتأثيره على ميزان المدفوعات ليس كبيرًا، لكنه يمثل بداية جيدة لقطاعات كانت تحقق نموًا سالبًا، فى السنوات الماضية.

وأعلن البنك المركزى، بيانات ميزان المدفوعات عن النصف الأول من العام المالى الجارى، مسجلا فائض بقيمة 5.6 مليار دولار، مقابل 7 مليارات دولار خلال الفترة المقارنة من العام المالى الماضى، ورغم انخفاض الفائض بنسبة ، إلا أن النتائج المحققة تشير إلى اعتماد البنك المركزى فى تحسين بيانات ميزان المدفوعات، على مصادر وموارد مستدامة، ناتجة عن مصادر الدخل القومى الرئيسية، وتقليل اعتماده على القروض، والمساعدات الخارجية التى ارتفعت وتيرتها عقب تعويم العملة المحلية .

وخلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2017، حقق ميزان المعاملات المالية والرأسمالية، صافى تدفق للداخل بقيمة 10.4 مليار دولار، مقابل 18.7 مليار دولار خلال الفترة الماضية من العام السابق عليه، وذلك كنتيجة أساسية لتراجع صافى الاقتراض الخارجى، ليقتصر على استخدام 3.5 مليار دولار، مقابل 5 مليارات دولار، وتغيرت صافى التزامات البنك المركزى مع العالم الخارجى، لتحقق صافى سداد بقيمة 3.1 مليار دولار، مقابل صافى استخدام بلغ 8.1 مليار دولار خلال الفترة المقابلة .

هذا فى الوقت الذى تراجع فيه عجز الحساب الجارى بنسبة d، ليقتصر على 3.4 مليار دولار، مقابل 9.4 مليار دولار، وذلك بدعم ارتفاع فائض ميزان الخدمات بنسبة 4، ليسجل 5.3 مليار دولار، نتيجة ارتفاع متحصلات قناة السويس والسياحة، وارتفاع صافى التحويلات الجارية بدون مقابل بنسبة ).5 إلى 13.1 مليار دولار، بدعم ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، وتراجع طفيف فى عجز الميزان التجارى بنسبة %1.4 إلى 18.7 مليار دولار.

وتشير البيانات التى أوردها البنك المركزى فى تقريره الأخير، إلى زيادة الموارد الأجنبية الناتجة عن السياحة، وتحويلات المصريين، وقناة السويس، والتصدير، وكلها موارد مستدامة افتقدتها الدولة خلال السنوات التى تلت ثورة يناير، بينما انخفض الاعتماد على الاقتراض الخارجى، وقلت وتيرته مقارنة بعامى 2016 و2017.

وقال إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى الأسبق، إن نتائج ميزان المدفوعات الأخيرة، تشير إلى نجاح السياسة التى اتبعها البنك المركزى منذ تعويم العملة المحلية، والتى ساهمت فى الحد من الاستيراد الذى كان يستحوذ على معظم دخل مصر من النقد الأجنبى، مقابل ارتفاع الصادرات عبر زيادة تنافسيتها.

وأشار إلى أن ارتفاع إيرادات السياحة، وتحويلات المصريين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، تقلل مع الوقت الفجوة التمويلية، وبالتالى تجعل البنك المركزى أقل اعتمادًا على الاقتراض الخارجى فى توفير احتياجاته الداخلية .

وتوقع استمرار تعافى موارد النقد الأجنبى فى ظل الإجراءات التى تتخذها الدولة لزيادة حصيلة تحويلات المصريين بالخارج، واختفاء السوق السوداء، وكذلك خطط تنشيط الصادرات والسياحة.

جدير بالذكر أن صندوق النقد الدولى كان قد رفع توقعاته لإيرادات مصر من السياحة لتصل إلى 6 مليارات دولار، بنهاية يونيو المقبل، تصل إلى 7.2 مليار دولار فى 18/2019، و8.5 مليار دولار فى العام المالى 19/2020.

وقفزت إيرادات مصر من قطاع السياحة بنسبة 3.5 إلى نحو 7.6 مليار دولار فى 2017، بحسب تصريحات وزارة السياحة، ومن المتوقع أن تشهد انتعاشة مع عودة حركة الطيران بين القاهرة وموسكو، ورفع الدول الخارجية الحظر عن السفر لمصر، بعد إجراءات التأمين التى اتخذتها .

واعتبرت عالية المهدى، استاذ الاقتصاد، وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، أن البيانات التى أعلنها البنك المركزى حول تطور الحساب الجارى، وتراجع العجز بنحو d، نتيجة ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، وارتفاع فائض الميزان الخدمى، تعتبر مؤشرا إيجابيا نحو سعى البنك المركزى لاستخدام موارد مستدامة، فى بناء الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية، بدلا من الاعتماد على القروض .

وأشارت إلى أنه رغم ذلك فإن معدلات النمو فى قطاع السياحة، وتسجيل ميزان السفر فائضا بقيمة 3.8 مليار دولار، يعد ارتفاعا غير كبير فى ظل قدرة القطاع على جذب مليارات الدولارات، كما أن قناة السويس لم تحقق المرجو منها، فى ظل اقتصار الزيادة خلال النصف الأول من العام المالى الجارى، على نحو 300 مليون دولار .

وتابعت: مازال العجز فى الميزان التجارى مرتفعاً أيضًا، فى ظل تسجيله نحو 18.7 مليار دولار، مقابل 19 مليار دولار فى النصف المقابل من العام المالى الماضى، وهو ما يقابل ارتفاع الصادرات، ويتطلب ذلك استمرار العمل لزيادتها.

وفيما يتعلق بالتطورات فى الميزان المالى والرأسمالى، نوهت إلى أن الاستثمار الأجنبى المباشر، مازال يسجل معدلات نمو ضعيفة، ليصل إلى صافى بنحو 3.8 مليار دولار، مشيرة إلى أنه يعتبر أحد الموارد الهامة لبناء الاحتياطى النقدى الأجنبى، من الموارد المستدامة .

وطالبت بضرورة إصدار بيانات واضحة، وأكثر تفصيلا ضمن ميزان المدفوعات، حول الاقتراض الخارجى وتطوراته، خاصة مع ارتفاع حجم الديون الخارجية.