رئيس مجلس الإدارة المهندس / تيسير مطر
السعودية تواجه معضلة بشأن أسعار النفط

تم النشر في 24 / 04 / 2018 08:59:38 | تمت الكتابة بواسطة : أشرف صدقى

رغب السعودية في الوصول بأسعار النفط عند مستوى 100 دولار للبرميل، لكن في حالة استجابة الأسعار لأمنيات أحد أكبر منتجي الخام فعليها الاستعداد للهبوط القادم في أسعاره.

وفي تقرير نشره موقع "أويل برايس" يشير إلى أنه مع رغبة المملكة في حصد الإيرادات لدعم الموازنة وتعزيز قيمة شركة "أرامكو" عند طرحها للاكتتاب العام، عليها أن تعي أن هذا التفكير الذي يستهدف مستويات قصيرة المدى قد يجلب المتاعب في النهاية.

والمتاعب قد تنشأ ليس فقط للسعودية بل تمتد إلى سعر الخام نفسه وفي نهاية المطاف لمستويات الطلب على الخام على المدى الطويل.

وفي العقد الماضي عندما تجاوز سعر الخام مستوى 100 دولار للبرميل فإنه لم يستمر عند تلك المستويات لفترة طويلة، وكذلك في 2008 عندما وصل سعر البرميل إلى 150 دولار، فإن ذلك أعقبه وبسرعة الأزمة المالية العالمية.

وأما في الفترة من 2011 وحتى 2014، عندما وصل سعر البرميل إلى مستوى أعلى بقليل من 100 دولار للبرميل، فإن النفط الصخري الأمريكي اصطدم بالسوق عبر معروضه الزائد.

وإذا أرادت السعودية قيادة الأسعار نحو الارتفاع إلى مستوى يتجاوز 100 دولار للبرميل، فأنها يجب أن تعي أنها في حالة تحقيق ذلك فإنها ستتعرض إلى التراجع من جديد لعدة أسباب.

السبب الأول هو أن ارتفاع سعر النفط مرتبط بشكل جزئي بالطلب القوي على الخام وليس فقط نتيجة لاتفاق خفض الإنتاج من جانب المنتجين في "أوبك"، لذلك فإن سعر البرميل عند 100 دولار للبرميل يمثل مضاعفة سعره مقارنة بالسنوات القليلة الماضية، والذي من شأنه أن يضع نهاية إلى نمو معدلات الطلب المرتفعة.

كما أن سعر البرميل عند مستوى 100 دولار سيؤثر على النمو الاقتصادي، فالتعافي الاقتصادي من الأزمة المالية العالمية في 2008، والذي يُمثل نحو عقد من الزمان، هو أطول بكثر من متوسط التحسن.

ويشير التاريخ إلى أننا سنكون في مرحلة ركود عند مستوى ليس بعيد، لذلك فإن الارتفاع الكبير في سعر النفط حول العالم قد يؤدي إلى انطلاق هذا الركود.

وكان "دانيال لاكال" المحلل الاقتصادي بشركة "تريسون جيسون" ذكر في تصريحات لمحطة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية أن سعر النفط مرتفع نتيجة للدولار المنخفض، مشيراً إلى أن منع المزيد من الخام في التواجد بالسوق على المدى الطويل سيرسل الأسعار نحو الارتفاع.

وتابع أن ذلك يعد بمثابة تهديد كبير، لأن أسعار النفط لا تتسبب في الأزمات ولكن الصعود المفاجئ للسعر هو ما يبدأ الأزمات.

أما السبب الثاني فهو أن ارتفاع سعر الخام يؤدي بالتبعية إلى زيادة النشاط التنقيب، الذي يؤدي في النهاية إلى زيادة المعروض.

وكان نشاط التنقيب عن الخام في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي ارتفع بمقدار 5 منصات إلى أعلى مستوى منذ مارس 2015.

وكانت سنوات عديدة من أسعار النفط عند مستويات أعلى من 100 دولار للبرميل قد أدت إلى مضاعفة إنتاج النفط الصخري الأمريكي عند مستويات تسببت في أزمة أسعار الخام في 2014.

وبالفعل فإن الإنتاج الأمريكي من الخام عند مستويات قياسية في الوقت الراهن، حيث وصل في الأسبوع الماضي إلى 10.540 مليون برميل يومياً.

وفي كلتا الحالتين، فإن السعودية تخاطر بزراعة بذور انهيار آخر في سوق النفط، وهو أمر قد يضر بمصالحها الخاصة.

 

أي أن المكاسب التي ربما تنشأ من ارتفاع أسعار النفط على المدى القصير ستكون أقل من الخسائر طويلة الآجل لهذا الصعود.

 

كما أن هناك مخاطر أخرى متعلقة بالطلب على الخام، فعلى الرغم أن ليس هناك توقعات محددة بشأن انتهاء طفرة زيادة الطلب لكن لا خلاف على أن ذلك سيحدث.

وعلى الرغم أن السيارات الكهربية لاتزال تُمثل نسبة ضئيلة من سوق السيارات، لكنها وصلت إلى مستوى قياسي بالولايات المتحدة في مارس الماضي، لذلك فإنه في حالة استمرار تراجع أسعار البطاريات فإن حالة "توازن السعر" بين السيارات الكهربية وتلك التي تستخدم محرك الوقود ربما تحدث بحلول عام 2024.

وفي حالة سعي السعودية إلى تحقيق إيرادات مرتفعة في العام الجاري والقادم، فإنها لن تخلق الانكماش القادم فحسب بل ست